عائشةُ رضي الله عنها، ورُوي عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: "رآهُ بعينِهِ" (١)، ومثلُه عن أبي ذَرٍّ، وكعبٍ، والحسنِ، وكان يحلفُ على ذلكَ، وحُكِيَ مثله عن ابنِ مسعودٍ، وأبي هريرةَ، والإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ رضي الله عنه، وحَكَى النقاشُ عن الإمامِ أحمدَ أنه قالَ: "أَنا أقولُ بحديثِ ابنِ عباسٍ: "بعينه رآه" رآه، حتى انقطعَ نَفَسُ الإمامِ أحمدَ" (٢)، وعنِ ابنِ عباسٍ: أنه قال: "إِنَّ اللهَ اختصَّ موسى بالكلامِ، وإبراهيمَ بالخُلَّةِ، ومحمدًا بالرُّؤْية" (٣)، وحجتُه قولُه: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: ١١ - ١٣].
واختلفوا في أنَّ نبينا - ﷺ - هل كَلَّمَ ربَّه عز وجل ليلةَ الإسراءِ؟ فذكِرَ عن جعفرٍ بنِ محمدٍ الصادقِ أنه قال: "أُوحِيَ إِلَيْه بِلا واسِطَةٍ"، وإلى هذا ذهبَ بعضُ المتكلِّمينَ أن محمدًا كلَّمَ ربَّهُ ليلةَ الإسراءِ، وحكوه عن ابنِ عباس، وابنِ مسعود.
واختلِفَ في المكانِ الذي أُسري به منه، فروي عنه - ﷺ -: أنه قالَ: "بَيْنَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الْحِجْرِ مُضْطَجِعٌ، ومنهم من قال: بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ" (٤)، وفي رواية أنه قال: "بَيْنَا أَنا نَائِمٌ فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ" والذي رجَّحه الطبريُّ أنه من المسجدِ المحيطِ بالكعبةِ، قالَ:
(٢) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٥/ ١٤٤).
(٣) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١١٩١٤)، والحاكم في "المستدرك" (٤٠٩٨)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦١/ ١٠٤).
(٤) رواه البخاري (٣٦٧٤)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: المعراج، عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه-.