رواية: ومَرَرْتُ بِعِيرِكُمْ بِالتَّنْعِيمَ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَخَرَجُوا إِلَى الثَّنِيَّةِ وَجَلَسُوا يَنْتَظِرُونَ طُلُوعَ الشَّمْسِ لِيُكَذِّبُوهُ إِذْ قَالَ قَائِلٌ: هَذِهِ الشَّمْسُ قَدْ طَلَعَتْ، قالَ آخرُ: هذهِ العيرُ قدْ أقبلَتْ يقدُمُها بعيرٌ أورقُ كما قالَ، فقالوا: إنْ هَذَا إلَّا سحرٌ مبينٌ (١)، فحينئذٍ آمَنَ من آمنَ، وكفرَ مَنْ كفرَ، وذهبَ الناسُ إلى أبي بكرٍ رضي الله عنه، فقالوا: هلَ لكَ يا أبا بكرٍ في صاحبِكِ أنَّه يزعُمُ أنه قد جاءَ الليلةَ بيتَ المقدسِ، وصلَّى فيهِ ورجعَ إلى مكةَ، فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: "واللهِ لئنْ كان قالَ، لقد صدقَ، فما يُعْجِبُكم من ذلك؟ فو اللهِ إِنَّه لَيُخْبِرُنا عنِ الوحيِ من اللهِ يأتيهِ من السَّماءِ إلى الأرضِ في ساعةٍ واحدةٍ من ليلٍ أو نهارٍ، فنصدِّقُه، فهذا أبعدُ مما تعجبونَ منهُ، ثم أقبلَ حتى انتهى إلى رسولِ اللهِ - ﷺ -، فقالَ: يا نبيَّ الله! أَحَدَّثْتَ هؤلاءِ أنكَ جئتَ بيتَ المقدسِ هذهِ الليلةَ؟ قالَ: نعم، قالَ: صَدَقْتَ، فصفْه لي يا نبيَّ اللهِ؛ فإني جئتُه، قالَ رسول الله - ﷺ -: "فَرُفِعَ إِلَيَّ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ"، وجعلَ يصفُه لأبي بكرٍ وهو يقولُ: صدقْتَ، أشهدُ أنكَ رسولُ الله، حتى انتهى، فقالَ النبيُّ - ﷺ -: "وَأَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيق" فسمِّي من ذلكَ اليومِ صديقًا، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [الزمر: ٣٣]، ثم أنزلَ اللهُ سورةَ النجمِ تصديقًا له - ﷺ - (٢).
...
(٢) قال ابن كثير في "تفسيره" (٣/ ٨): بعد أن ذكر السياق الذي نقله المصنف هنا: هذا سياق فيه غرائب عجيبة.