فقال الله تعالى: ﴿يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ أي: من أمنته لا ينبغي أن يخاف من حية.
...
﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١)﴾.
[١١] ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ استثناء منقطع؛ أي: لكن من ظلم من المرسلين بذنب صدر منه؛ كآدم ويونس وداود وموسى (١) ﴿ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ﴾ توبة بعد ذنب.
﴿فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أغفر له، وأزيل الخوف عنه.
...
﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (١٢)﴾.
[١٢] ثم أراه الله تعالى آية أخرى، فقال: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾ أي: قميصك؛ لأنه يُجاب؛ أي يقطع، والجيب: الفتح في الثوب لرأس

(١) وعن الفراء أن الاستثناء هنا متصل، لكل من جملة محذوفة، تقديره: وإنما يخاف غيرُهم إلا من ظلم. وردَّه النحاس. وقدره الزمخشري بـ: "لكن" وهي علامة على أنه منقطع. انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان (٧/ ٥٥). وقد ذكر الطبري رحمه الله في "تفسيره" (١٩/ ٤٣٢) أقوال النحويين واختلافهم، وذكر من جملة ذلك: في هذه الآية وجهان: أحدهما أن يقول: إن الرسل معصومة مغفور لها آمنة يوم القيامة، ومن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا فهذا يخاف ويرجو. والآخر أن يجعل الاستثناء من الذين تركوا في الكلمة؛ لأن المعنى: لا يخاف لدي المرسلون، إنما الخوف على من سواهم.


الصفحة التالية
Icon