ويعقوب، وقالون، وهشام بخلاف عن الأول: (فَأَلْقِهِ) باختلاس كسرة الهاء لتدل الكسرة على الياء المحذوفة، وقرأ الباقون: بإشباع الكسرة، وصلتها بياء في الوصل (١)؛ لأن الهاء لما يتحرك ما قبلها، ثبت الحرف الذي بعدها؛ لعدم اجتماع الساكنين، المعنى: اقذفه ﴿إِلَيْهِمْ﴾ إلى بلقيس وقومها.
﴿ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ تنحَّ مستترًا ﴿فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾ يردُّون من الجواب.
...
﴿قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩)﴾.
[٢٩] فأخذ الهدهد الكتاب، وأتى بلقيس وهي نائمة في قصرها، فألقاه على نحرها، فلما رأت الخاتم، أرعدت وخضعت خوفًا؛ لأن ملك سليمان كان فيه، وعرفت أن مُلكَ المرسل إليها أعظم من ملكها، ثم تأخر الهدهد يسيرًا، ثم جلست مع أشراف قومها، وكانوا اثني عشر ألفًا، ثم ﴿قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ مختوم، قال - ﷺ -: "كرامةُ الكتابِ خَتْمُه" (٢).
واختلاف القراء في الهمزتين من (الْمَلأُ إِنِّي) كاختلافهم فيهما من (نَشَاءُ إِلَى

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٤٨١)، و"التيسير" للداني (ص: ١٦٨)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٣٩٧)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (١/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٤/ ٣٤٩).
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٣٨٧٢)، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ٩٩): فيه محمد بن مروان السدي الصغير، وهو متروك.


الصفحة التالية
Icon