﴿وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾ ليستقيم أمرهم، تحذرهم مسير سليمان إليهم، وتناهى الخبر عنها هاهنا، فصدق الله تعالى قولها.
فقال: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ أي: كما قالت.
...
﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥)﴾.
[٣٥] وكانت بلقيس امرأة لبيبة، قد سيست وساست، وعرفت تدبير الملك، فأرادت أن تداري عن بلدها، فقالت للملأ من قومها: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ أختبر بذلك سليمان، إن كان ملكًا، أخذ الهدية وانصرف، وإن كان نبيًّا لم يأخذها، ولم نأمنه على بلادنا.
﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ﴾ أي: بأي شيء.
﴿يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ من قبول الهدية أو ردها، وما يقال لهم. وقف يعقوب والبزي: (بمَهْ) بزيادة هاء بعد الميم بخلاف عنهما (١)، والهدية: اسم للشيء المعطى بملاطفة ورفق.
...
﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦)﴾.
[٣٦] فأهدت بلقيس لسليمان وُصَفاءَ ووصائفَ، وألبستهم لباسًا واحدًا لئلا يُعرفوا، وكان عددهم خمس مئة جارية، وخمس مئة غلام، وأربع

(١) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٣١١)، و "معجم القراءات القرآنية" (٤/ ٣٥١) عن البزي.


الصفحة التالية
Icon