﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ﴾ ثابتًا لديه، وحُمل إليه من مأرب إلى الشام في قدر ارتداد الطرف ﴿قَالَ هَذَا﴾ أي: حصول مرادي ﴿مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾ عَلَيَّ.
﴿لِيَبْلُوَنِي﴾ ليختبرني ﴿أَأَشْكُرُ﴾ النعمة ﴿أَمْ أَكْفُرُ﴾ بكون غيري أعلم مني.
﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ لأن نفع شكره عائد عليه؛ لأن الشكر قيد النعمة الموجودة، وصيد النعمة المفقودة.
﴿وَمَنْ كَفَرَ﴾ بترك الشكر على النعمة ﴿فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ﴾ عن شكرهم ﴿كَرِيمٌ﴾ ذو فضل على الشاكر والكافر. وتقدم التنبيه على اختلاف القراء في (رَآهُ عِنْدَهُ) ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾ [النمل: ١٠]، وقرأ نافع، وأبو جعفر: (لِيَبْلُوَنيَ) بفتح الياء الأخيرة، والباقون: بإسكانها (١)، واختلافهم في الهمزتين من (أَأَشْكُرُ) كاختلافهم فيهما من (أَأَنْتَ فَعَلْتَ) في سورة الأنبياء [الأنبياء: ٦٢].
...
﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (٤١)﴾.
[٤١] ولما جاءت بلقيس، خاف الجن أن تفشي سرهم إلى سليمان؛ لأن أمها كانت جنية (٢)، وأن يتزوجها سليمان، فتلد له ولدًا فلا ينفكون من
(٢) قال الماوردي: وهذا مستنكر للعقول؛ لتباين الجنسين واختلاف الطبعين؛ إذ الآدمي جسماني والجني روحاني، وهذا من صلصال كالفخار، وذاك من مارج من نار، والامتزاج مع هذا التباين مدفوع، والتناسل مع هذا الاختلاف ممنوع. ورده =