الصحن، وجلس عليه، وعكفت عليه الطير والجن والإنس، ودعا بلقيس، فلما جاءت ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ﴾ القصر.
﴿فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً﴾ هي معظم الماء، ﴿وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا﴾ لتنجو منه إلى سليمان، فنظر سليمان، فإذا هي أحسن الناس ساقًا وقدمًا، إلا أنها كانت شَعراء الساقين. قرأ قنبل عن ابن كثير: (سَأْقَيْهَا) بالهمز الساكن؛ لجواز أن يكون من العرب من يهمز مفرد ساق وجمعه، والباقون: بغير همز (١)، فلما رأى سليمان ذلك، صرف بصره عنها.
ثم ﴿قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ﴾ بنيان مملس ﴿مِنْ قَوَارِيرَ﴾ من زجاج، وليس بماء حقيقة، ثم دعاها إلى الإسلام، فأجابت، و ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ بعبادتي غيرك.
﴿وَأَسْلَمْتُ﴾ أي: وقد أسلمت ﴿مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أخلصت له التوحيد.
وأراد سليمان تزوجها، فكره شعر ساقيها، فسأل الإنس: ما يذهب هذا؟ قالوا: الموسى، فقال: إنها تقطع ساقيها، فسأل الجن، فقالوا: لا ندري، ثم سأل الشياطين، فقالوا: نحتال لك حتى تصير كالفضة البيضاء، فأخذوا النورة والحمام، فكانت النورة والحمام من يومئذ، ويقال: إن الحمام الذي ببيت المقدس بباب الأسباط إنما بني لها، وإنه أول حمام بني على وجه الأرض، فلما تزوجها سليمان أحبها حبًّا شديدًا،