لكن الوصل هنا مختص بمذهب ورش، وقرأ الباقون: بإسكان الميم وفتح الهمزة (١).
﴿أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ استفهام تقريع وتوبيخ، والمعنى: أظنوا تركهم غيرَ مفتونين؛ لقولهم: آمنا؟! والفتنة: الامتحان بالشدائد، تلخيصه: لا بد من امتحانهم، وإذا أحب الله عبدًا، جعله للبلاء غرضًا.
نزلت في قوم من المؤمنين كانوا بمكة، وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام، فكانت صدورهم تضيق لذلك (٢)، فنزلت الآية تسلية ومعلمة أن هذه سيرة الله في عباده اختبارًا للمؤمنين؛ ليعلم الصادق، ويرى ثواب الله له، ويعلم الكاذب، ويرى عقاب الله إياه.
قال ابن عطية: وهذه الآية وإن كانت نزلت بهذا السبب في هذه الجماعة، فهي في معناها باقية في أمة محمد - ﷺ - موجود حكمها بقية الدهر (٣).
﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣)﴾.
[٣] ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ كالأنبياء والأولياء، فمنهم من نُشر
(٢) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٩٥ - ١٩٦).
(٣) "المحرر الوجيز" لابن عطية (٤/ ٣٠٥).