مَأْزِمَيْها" (١)، ولابتا المدينة: هما الحرَتَّان الشرقية والغربية، والحرة هي: الأرض ذات الحجارة السود، ورواية "ما بين لابتيها" أرجح؛ لتوارد الرواة عليها، ورواية "جبليها" لا تنافيها، فيكون عند كل لابة جبل، فما بين لابتيها بيان لحد حرمها من جهتي المشرق والمغرب، وما بين جبليها بيان لحده من جهتي الجنوب والشمال، وأما رواية "مَأْزِميها"، فالمأزم: المضيق بين الجبلين، وقد يطلق على الجبل نفسه، وهذا يدل على أن صيدها وشجرها محرم، وهو قول الثلاثة؛ خلافًا لأبي حنيفة، ولا جزاء فيه بالاتفاق، والله أعلم، وتقدم ذكر حدود الأرض المقدسة في المائدة، وحرم مكة في التوبة.
* * *
﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (١٥)﴾.
[١٥] ﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ﴾ هم بنو حارثة، هموا يوم أُحد أن يفشلوا مع بني سلمة، فلما نزل فيهم ما نزل، عاهدوا الله من قبل حفر الخندق.
﴿لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ﴾ منهزمين، فوقع يوم الخندق من بني حارثة هذا الاستئذان.
﴿وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾ عنه، وهذا توعُّد.