رسول الله - ﷺ - قد ولاك مواليك لتحكم فيهم، فقال لمواليه: "عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيها ما حكمت؟ " قالوا: نعم، قال: "وعلى من هاهنا؟ " في الناحية التي فيها رسول الله - ﷺ -، وهو معرض عن رسول الله - ﷺ - إجلالًا له، فقال رسول الله - ﷺ -: "نعم"، فقال: "أحكمُ فيهم أن يُقتل الرجال، وتُقسم الأموال، وتُسبى الذراري والنساء"، فكبر النبي - ﷺ -، وقال: "لقد حكمتَ بحكم الله من فوق سبعةِ أرقعةٍ"، فاسْتُنْزِلوا، ثم رجع رسول الله - ﷺ - إلى المدينة، وحبسهم في دار بنت الحارث: امرأة من بني النجار، ثم خرج رسول الله - ﷺ - إلى سوق المدينة، فحفر به خندقًا، وضُربت أعناقُهم فيه، وكانوا ستَّ مئة، أو سبع مئة، وقيل: كانوا بين الثمان مئة إلى التسع مئة، ثم قسم الأموال والسبايا، واصطفى لنفسه - ﷺ - ريحانة بنت شمعون، فكانت في ملكه حتى مات، ولم يستشهد في هذه الغزوة سوى خلاد بن زيد بن ثعلبة، دلت عليه امرأةٌ من بني قريظة رحًى شدخت رأسه، فقال - ﷺ -: "له أجرُ شهيدين"، وقتلها به (١).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله - ﷺ - كان يقول: "لا إله إلا الله وحدَه، أعزَّ جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزابَ وحده، ولا شيء بعده" (٢)، وكانت هذه الغزوة في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة الشريفة، فأنزل الله تعالى في قصة بني قريظة:
(٢) رواه البخاري (٣٨٨٨)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق، ومسلم (٢٧٢٤)، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل.