ولا يخرجون، وكان رسول الله - ﷺ - يتأذى منهم: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ﴾ (١) أي: إلا وقت الإذن ﴿لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ﴾ فيؤذن لكم فتأكلون. قرأ نافع: (بُيُوتَ النَّبِيءِ إِلَّا) بالمد والهمز وتسهيل الهمزة من (إلَّا)، وخالفه قالون في هذا الحرف أيضًا، فقرأه بتشديد الياء كبقية القراء كما تقدم في قوله: (لِلنَّبِيءِ إِنْ) وهذان الحرفان اللذان تقدم التنبيه عليهما أول السورة، ونبه عليهما في سورة البقرة.
﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ أي: منتظرين نضجه. قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وهشام عن ابن عامر بخلاف عنه: (إِنَاهُ) بإمالة فتحة النون (٢).
﴿وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ﴾ للأكل ﴿فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ﴾ فرغتم منه ﴿فَانْتَشِرُوا﴾ اخرجوا من منزله ﴿وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ﴾ جر عطف على (نَاظِرِينَ) ﴿لِحَدِيثٍ﴾ تديرونه بينكم بعد الأكل.
﴿إِنَّ ذَلِكُمْ﴾ الاستئناسَ بعدَ الأكل ﴿كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾ فلا يأمركم بالخروج، وكان - ﷺ - أشد الناس حياءً (٣)، وأكثرهم عن العورات غضاءً، والحياء: رقة تعتري وجه الانسان عند فعل ما يتوقع

(١) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٥٨٠)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٤/ ٣٩٥)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٥/ ١٣٦)، و "تفسير القرطبي" (١٤/ ٢٢٤)، و "البحر المحيط" لأبي حيان (٩/ ١٦٩).
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٢٣)، و"التيسير" للداني (ص: ٤٨ - ٤٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١٣٣).
(٣) روى البخاري (٣٣٦٩) كتاب المناقب، باب: صفة النبي - ﷺ -، ومسلم (٢٣٢٠)، كتاب: الفضائل، باب: كثرة حيائه - ﷺ -، من حديث أبي سعيد الخدري قال: كان النبي - ﷺ - أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها.


الصفحة التالية
Icon