محمدًا؛ أي: لا تستبعدوا هذا، فقد تفضلنا على عبيدنا قديمًا بكذا وكذا، فقال تعالى:
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا﴾ أي: النبوة والملك، وقلنا:
﴿يَاجِبَالُ أَوِّبِي﴾ رَجِّعي ﴿مَعَهُ﴾ التسبيح، فكان داود إذا سبح، سمع تسبيح الجبال، ويعقل معناه؛ معجزة له؛ كما سمع الخطاب من الشجرة، وعقل معناه ﴿وَالطَّيْرَ﴾ أي: وسخرنا له الطير بأصواتها، فكان داود يقول للجبال: سبحي، وللطير: أجيبي، ثم يأخذ في تلاوة الزبور بصوته الحسن، فلا يُرى شيء أحسن من ذلك فمن سمع صدى الجبال. قراءة العامة: (وَالطَّيْرَ) بالنصب بإضمار فعل تقديره: وسخرنا الطير، وألنا له الحديد، وقرأ يعقوب: بالرفع ردًّا على (الجبال)؛ أي: أوبي أنت والطير، ووردت عن عاصم، وأبي عمرو (١).
﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ أي: جعلناه له لينًا كالشمع، فلا يفتقر إلى نار ولا مطرقة.
﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١)﴾.
[١١] ﴿أَنِ اعْمَلْ﴾ أمرناه أن اعمل، و (أن) مفسرة لا موضع لها من الإعراب ﴿سَابِغَاتٍ﴾ دروعًا تامة تعم البدن.

(١) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٥٩٥)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٣٥٨)، و"القراءات الشاذة" لابن خالويه (ص: ١٢١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١٤٦).


الصفحة التالية
Icon