﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣)﴾.
[١٣] ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ﴾ أي: مساجد ﴿وَتَمَاثِيلَ﴾ صور الملائكة والأنبياء والصالحين في المساجد؛ لينشطوا إلى العبادة والاقتداء بهم، وعملوا له في أسفل كرسيه أسدين، وفي أعلاه نسرين، فإذا صعد، بسط له الأسدان ذراعيهما فارتقى عليهما، فإذا جلس أظله النسران بجناحيهما، ولم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرمًا، وكان مما عملوا له بيت المقدس، ابتدأه داود، ورفعه قامة رجل، فأوحى الله إليه أني لم أقض ذلك على يدك، ولكن ابن لك أملكه بعدك اسمه سليمان أقضي إتمامه على يده، فلما توفاه الله تعالى، استخلف سليمان -عليه السلام-، وكان مولده بغزة، وملك بعد أبيه وله اثنتا عشرة سنة، ولما كان في السنة الرابعة من ملكه في شهر أيار سنة تسع وثلاثين وخمس مئة لوفاة موسى -عليه السلام-، ابتدأ سليمان في عمارة بيت المقدس حسبما تقدم به وصية أبيه إليه، وجمع حكماء الإنس والجن، وعفاريت الأرض، وعظماء الشياطين، وجعل منهم فريقًا يبنون، وفريقًا يقطعون الصخور والعمد من معادن الرخام، وفريقًا يغوصون في البحر فيخرجون منه الدر والمرجان، وكان في الدر ما هو مثل بيضة النعامة، وبيضة الدجاجة، وبنى مدينة بيت المقدس، وجعلها اثني عشر ربضًا، وأنزل كل رَبَض منها سِبْطًا من أسباط بني إسرائيل، وكانوا اثني عشر سبطًا، ثم بنى المسجد بالرخام الملون، وسقفه بألوان الجواهر الثمينة، وفصص سقوفه وحيطانه باللآلئ واليواقيت، وأنبت الله شجرتين عند باب الرحمة، إحداهما تنبت الذهب، والأخرى تنبت الفضة، فكان في