مسجد لله تعالى، وهو أمره ببنائه، وأن كل شيء فيه لله تعالى، من انتقصه، أو شيئًا منه، فقد خان الله تعالى، وأن داود عهد إليه ببنائه، ثم اتخذ طعامًا، وجمع الناس جمعًا لم ير مثله، ولا طعام أكثر منه، وقرب القرابين لله تعالى، واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه عيدًا (١).
واستمر بيت المقدس على ما بناه سليمان أربع مئة سنة وثلاثًا وخمسين سنة حتى غزاه بُخت نصَّر، فخرب المدينة، وهدمها، ونقض المسجد، وأخذ جميع ما كان فيه من الذهب والفضة والجواهر، فحمله إلى دار مملكته من أرض العراق، واستمر خرابًا (٢) بيت المقدس سبعين سنة كما تقدم ذكره في سورة البقرة [الآية: ٢٥٩] وسورة الإسراء [الآية: ٦] (٣).
وبنى الشياطين لسليمان باليمن حصونًا كثيرة عجيبة من الصخر ﴿وَجِفَانٍ﴾ قصاع كبار ﴿كَالْجَوَابِ﴾ جمع جابية، وهو الحوض الكبير.
قرأ أبو عمرو، وورش عن نافع: (كَالْجَوَابِي) بإثبات الياء وصلًا، وقرأ ابن كثير، ويعقوب: بإثباتها وصلًا ووقفًا، وحذفها الباقون في الحالين (٤) ﴿وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ ثابتات لها قوائم لا يحركن عن أماكنهن؛ لعظمهن،
(٢) "خرابًا" زيادة من "ت".
(٣) وسلف نحو هذا الخبر عند تفسير الآية (٩٧) و (١١٤) من سورة البقرة.
(٤) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٢٧)، و"التيسير" للداني (ص: ١٨٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٥١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١٤٧ - ١٤٨).