﴿فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦)﴾.
[١٦] وبعث إليهم ثلاثة عشر نبيًّا، فذكروهم نعم الله، وخوفوهم عقابه ﴿فَأَعْرَضُوا﴾ وقالوا: ما نعرف لله علينا نعمة، فقولوا لربكم أن يحبس عنا هذه النعمة إن استطاع.
﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ﴾ أي: على سدهم، وهو سد بنته بلقيس بين الجبلين، فحقنت به الشجر، وتركت فيه ثقبًا على مقدار ما يحتاجون إليه من الماء ﴿سَيْلَ الْعَرِمِ﴾ وهو السيل الذي لا يُطاق، وأصله من العرامة، وهي الشدة والقوة، فخرب السد، وملأ ما بين الجبلين، وحمل الجنات وكثيرًا من الناس ممن لم يمكنه الفرار، وأغرق أموالهم، فتفرقوا في البلاد، فصاروا مثلًا، وكان ذلك بين عيسى ومحمد عليهما السلام.
﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ﴾ المذكورتين ﴿جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ﴾ ثمر ﴿خَمْطٍ﴾ وهو شجر الأراك وثمره، وقيل: هو كل شجر مر الثمر. قرأ يعقوب: (بِجَنَّتَيهُم) بضم الهاء، وابن كثير وأبو جعفر: يضمان الميم ويصلانها بواو في اللفظ وصلًا، واختلف عن قالون، وقرأ أبو عمرو ويعقوب (أُكْلِ) بالإضافة من غير تنوين، وقرأ الباقون: بالتنوين، ومنهم نافع وابن كثير يسكنان الكاف، والباقون: يضمونها (١) ﴿وَأَثْلٍ﴾ هو الطرفاء، ولا ثمر له، أو شجر يشبه الطرفاء، عطف على (أُكُلٍ).