﴿أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ هذه مخاطبة لمحمد - ﷺ -، وضمنها تسلية له عنهم؛ أي: إنهم قد ختم عليهم بالكفر، فسواء إنذارك وتركه، والألف في قوله: (أَأَنْذَرْتَهُمْ) ألفُ التسوية؛ لأنّها ليست كالاستفهام، بل المستفهم والمستفهم مستويان في علم ذلك. قرأ أبو عمرو، وابن كثير، وأبو جعفر، وقالون عن نافع، ورويس عن يعقوب: (أَأَنْذَرْتَهُمْ) بتحقيق الهمزة الأولى، وتسهيل الثّانية بين الهمزة والألف، وأبو عمرو، وأبو جعفر، وقالون: يفصلون بين الهمزتين بألف، وورش: يبدلها ألفًا خالصة، وروي عنه التسهيل بين بين، وقرأ الباقون، وهم الكوفيون، وابن ذكوان راوي ابن عامر، وروح راوي يعقوب: بتحقيق الهمزتين من غير فصل بينهما، واختلف عن هشام راوي ابن عامر في الفصل بألف مع تحقيق الهمزتين، واختلف عنه أيضًا في تسهيل الثّانية بين بين وتحقيقها.
* * *
﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١)﴾.
[١١] ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ﴾ أي: إنّما ينفع إنذارك ﴿مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ القرآنَ، وعمل به ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾ أي: بالخلوات عند (١) مغيب الإنسان من عيون البشر.
﴿فَبَشِّرْهُ﴾ وحد الضمير مراعاة للفظ.
﴿بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ هو الجنَّة.

(١) في "ت": "عن".


الصفحة التالية
Icon