موضع حضورك، المعنى: يا حسرة من العباد على أنفسهم، وتندمًا وتلهفًا في استهزائهم برسل الله، وعدم إيمانهم بهم، ثمّ بين سبب الحسرة والندامة.
فقال: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ تمثيل لفعل قريش.
* * *
﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (٣١)﴾.
[٣١] ﴿أَلَمْ يَرَوْا﴾ أهل مكّة رؤيةَ البصر ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ﴾ وهم أهل كلّ عصر، سُموا بذلك؛ لاقترانهم بالوجود، و (كَمْ) هنا خبرية ﴿أَنَّهُمْ﴾ أي: الماضين ﴿إِلَيْهِمْ﴾ إلى المكبين ﴿لَا يَرْجِعُونَ﴾ أي: من مات لا يعود إلى الدنيا، أفلا يعتبرون؟!
* * *
﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٣٢)﴾.
[٣٢] ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ قرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وأبو جعفر بخلاف عنه: (لمَّا) بالتشديد، جعلوا (إِنْ) بمعنى الجحد، و (لَمَّا) بمعنى إِلَّا، تقديره: وما كلٌّ إِلَّا جميع، وقرأ الباقون: بالتخفيف (١)، جعلوا (إِنْ) للتحقيق، و (ما) صلة، مجازه: وكلٌّ لَجميع لدينا، المعنى: كلّ الخلائق يجتمعون لدينا في الموقف للحساب.
* * *

(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٢٦)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٦٣٩)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٩١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٢٠٦).


الصفحة التالية
Icon