رميم، ففتَّه وقال: يا محمد! أترى يحيي اللهُ هذا بعدما بَلِيَ ورَمَّ؟ فقال النبي - ﷺ -: "نعم، ويدخلك النار".
﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ أي: منيٍّ.
﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ﴾ شديد الخصومة ﴿مُبِينٌ﴾ بَيِّنُها بعدما كان ماء مهينًا، المعنى: ألم يستدل بخلقه على إمكان البعث؟!
...
﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)﴾.
[٧٨] ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا﴾ بفتِّه العظام.
﴿وَنَسِيَ خَلْقَهُ﴾ من المني، فهو أغرب من إحياء العظم.
﴿قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ بالية، ولم يؤنث (رَمِيم)؛ لأنه معدول من فاعله، وكل ما كان معدولًا عن وجهه ووزنه، كان مصروفًا عن إعرابه؛ كقوله: ﴿وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ [مريم: ٢٨] أسقط الهاء لأنها مصروفة عن باغية.
وفي الآية حجة في إثبات الحياة في العظم، ونجاسته بالموت، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا تحل الحياة بالعظم، فلا ينجس بالموت، له أن المعنى أنها ترد كما كانت رطبة في بدن حساس.
واختلفوا في الآدمي هل ينجس بالموت؟ فقال أبو حنيفة: ينجس، إلا أن المسلم يطهر بالغسل، وتكره الصلاة عليه في المسجد، وعن مالك خلاف، والذي اختاره ابن رشد: الطهارة، وهو الأظهر عند صاحب "المختصر" (١)، وأما الصلاة في المسجد، فالمشهور من مذهبه كراهتها

(١) انظر: "مختصر خليل" (ص: ١٠) قال: والنجس ما استثني ما ذكر =


الصفحة التالية
Icon