وابن مسعود، وكعب، ومقاتل، وقتادة، وعكرمة، والسدي، وغيرهم، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا﴾ أمر بذبح مَنْ بُشر به، وليس في القرآن أنه بشر بولد سوى إسحق، وهو قوله تعالى في سورة هود: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ﴾ [الآية: ٧١]، وكلا القولين يروى عن رسول الله - ﷺ -.
وروي أنه لما بُشر بالولد، قال: هو بإذن الله ذبيح. ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ قيل له: أوف بنذرك، فقال لولده: انطلق نقربْ قربانًا لله - عز وجل -، وأخذ سكينًا وحبلًا، فانطلق معه حتى ذهب بين الجبال، فقال: يا أبت! أين قربانك؟ ﴿قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾، فمن قال: إن الذبيح إسماعيل، فيقول: إن الذبح كان بمكة، ومن الدليل عليه أن قرني الكبش كانا منوطين بالكعبة في أيدي بني إسماعيل إلى أن احترق البيت واحترق القرنان في أيام ابن الزبير والحجاج.
قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح إسحق كان أو إسماعيل؟ فقال: يا أصيمع! أين ذهب عقلك؟ متى كان إسحق بمكة؟ إنما كان إسماعيل بمكة، وهو الذي بنى البيت مع أبيه (١).
وعن ابن عباس قال: "الذبيح إنه إسماعيل، وتزعم اليهود أنه إسحق، وكذبت اليهود" (٢).
(٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢١/ ٨٣)، والحاكم في "المستدرك" (٤٠٣٧).