رئيسنا، وإن تك بك الباءة، زوجناك عشر نسوة، تختار من أي بنات قريش شئت، وإن كان بك حب المال، جمعنا لك ما تستغني به، ورسول الله - ﷺ - ساكت، فلما فرغ قال: "بسم الله الرّحمن الرحيم، وقرأ عليه النّبيّ - ﷺ - هذه السورة، ومر في صدرها حتّى انتهى إلى قوله: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ فوثب عتبة، ووضع يده على فم النّبيّ - ﷺ -، وناشده الله أن يسكت، فسكت، وانصرف عنه، فأخبرهم أنّه سمع ما لا يشبه كهانة ولا شعرًا ولا سحرًا، قال: ولقد ظننت أن صاعقة العذاب على رأسي (١).
* * *
﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥)﴾.
[١٥] ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا﴾ تعظَّموا ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ بأن استولوا عليها، وأخذوها من أهلها ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ ظلمًا ﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ نحن ندفعه إذا نزل بنا، وكانوا ذوي أجسام طوال، فكان أحدهم يقتلع الصخرة العظيمة من الجبل يجعلها حيث شاء، قال الله ردًّا عليهم:
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ ينكرونها، وهم يعرفون أنّها حق.

(١) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٦٠ - ٦١). وقد رواه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص: ٢٢١)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٨/ ٢٤٢)، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وانظر: "تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (٣/ ٢٢٧).


الصفحة التالية
Icon