﴿كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ وفُصِلَتْ (حم) من (عسق)، ولم يفعل ذلك بـ (كهيعص) لتجري هذه مجرى الحواميم أخواتها، ولأنّهما عُدَّا آيتين، و (كهيعص) عُدَّت آية واحدة، والأقوال في هذه كالأقوال في أوائل السور.
وعن ابن عبّاس -رضي الله عنه-: أنّه قال: " (ح) حلمه (م) مجده (ع) علمه (س) سناؤه (ق) قدرته، أقسم الله بها" (١).
وروي عن علي -رضي الله عنه-: أنّه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الحروف الّتي في أوائل السور (٢).
وروى حذيفة بن اليمان: "أن رجلًا يقال له: عبد الإله، أو عبد الله ينزل على نهر من أنّهار المشرق يبني عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقًّا، فتهلك إحدى المدينتين ليلًا، ثمّ تصبح الأخرى سالمة، فيجتمع فيها جبابرة

(١) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٧٣)، و"فتح القدير" للشوكاني (٤/ ٥٢٥)، وقال: وقيل غير ذلك ممّا هو متكلّف متعسف لم يدلَّ عليه دليل، وجاءت به حجة ولا شبهة حجة.
(٢) قال القاضي أبو بكر بن العربي في فوائد رحلته: ومن الباطل علم الحروف المقطعة في أوائل السور، وقد تحصَّل لي فيها عشرون قولًا وأزيد، ولا أعرف أحدًا يحكم عليها بعلم ولا يصل منها إلى فهم. انظر: "الإتقان " للسيوطي (٢/ ٢٦)، وفي مقدمة من نفى هذا العلم عن سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، هذا ولمّا سئل السبكي عن دلالة ﴿كهيعص﴾ فكان من إجابته -رحمه الله-:.. وأكثر ذلك يكون معصية ممَّا يجب إنكارُه وبعضه ممّا جربناه فلم نجده صحيحًا ممّا لا فائدة فيه. انظر: "فتاوى السبكي" (٢/ ٥٦٣).


الصفحة التالية
Icon