﴿مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ أي: من بعد مَنْ تقدمهم ﴿لَفِي شَكٍّ مِنْهُ﴾ من محمّد - ﷺ - ﴿مُرِيبٍ﴾ ووصف الشك بمريب مبالغة فيه.
* * *
﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٥)﴾.
[١٥] ﴿فَلِذَلِكَ﴾ إشارة إلى ما وصى به الأنبياء من التّوحيد ﴿فَادْعُ﴾ أنت إلى ربك، وبلغ ما أُرسلت به ﴿وَاسْتَقِمْ﴾ على دينهم.
﴿كَمَا أُمِرْتَ﴾ أي: دُمْ على استقامتك؛ لأنّه كان مستقيمًا، وفي هذا المعنى قال النّبيّ - ﷺ -: "شيبتني هودٌ وأخواتُها"، فقيل له: لم ذلك؟ فقال: "لأنّ فيها ﴿فَاْسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾ " (١)، وهذا خطاب له - ﷺ - بحسب قوته في أمر الله تعالى، وقال هو لأمته بحسب ضعفهم: "استقيموا ولَنْ تُحصوا" (٢).
﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ يعني: قريشًا فيما كانوا يهوونه من أن يعظِّم محمّد - ﷺ - آلهتَهم، وغير ذلك.
﴿وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ﴾ يعني: جميع الكتب المنزلة من عند الله، وهو أمر يعم سائر أمته.

(١) تقدّم تخريجه.
(٢) رواه ابن ماجه (٢٧٧)، كتاب: الطّهارة، باب: المحافظة على الوضوء، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٧٦)، من حديث ثوبان رضي الله عنه. وصححه المنذري في "الترغيب والترهيب" (١/ ٩٧).


الصفحة التالية
Icon