﴿أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ فيسمع صوتًا، ولا يرى شخصًا ﴿أَوْ يُرْسِلَ﴾ تعالى ﴿رَسُولًا﴾ إما جبريل، أو غيره ﴿فَيُوحِيَ﴾ تعالى إلى ذلك الرسول ﴿بِإِذْنِهِ﴾ باختياره تعالى.
﴿مَا يَشَاءُ﴾ من الوحي، فيكلم ذلك الرسول بالموحَى إليه الرسلَ؛ بأن يلقيه عليهم.
﴿إِنَّهُ عَلِيٌّ﴾ عن صفات المخلوقين ﴿حَكِيمٌ﴾ في صنعه. قرأ نافع (أَوْ يُرْسِلُ) برفع اللام على الاستئناف (فَيُوحِي) بإسكان الياء عطف على (يُرْسِلُ)؛ أي: ما جاز أن يفهم ما عنده تعالى أحد من البشر إلا من هذه الأوجه الثلاثة، أو بعضها، مع عدم الرؤية. وقرأ الباقون: بنصب اللام والياء عطفًا على محل (وَحْيًا) (١)؛ لأنه بتأويل المصدر فـ (مِنْ) في (مِنْ وَرَاءِ) متعلقة بمحذوف تقديره: إلا أن يوحي، أو أن يُسمع من وراء حجاب، أو أن يرسل، و (فيوحي) عطف على (يُرْسل)، وتقدم التنبيه على اختلافهم في الهمزتين من (يَشَاءُ إِنَّهُ) في الحرف المتقدم.
...
﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)﴾.
[٥٢] ﴿وَكَذَلِكَ﴾ أي: ومثل إيحائنا إلى الرسل.

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٨٢)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٥)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٩٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٦/ ٩٦).


الصفحة التالية
Icon