﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)﴾.
[٩] ثم أمر تعالى بأن يحتج عليهم، فقال: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ أي: بديعًا؛ أي: لستُ بأولِ مرسَل، قد بُعث قبلي غيري، والبدع والبديع من الأشياء: ما لم ير مثله، المعنى: فكيف تنكرون نبوتي؟.
﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾ قال ابن عباس وأنس وغيرهما: "معناه: في الآخرة" (١)، وكان هذا في صدر الإسلام، ثم بعد ذلك عرفه تعالى بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبأن المؤمنين لهم من الله فضل كبير، وهو الجنة، وبأن الكافرين في نار جهنم.
وروي أن رسول الله - ﷺ - رأى في النوم مُهاجَره إلى أرض ذاتِ نخل، فأخبر أصحابه، فسألوه عنها، فسكت، فنزل: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾ (٢)، المعنى: وما أدري أأخرُجُ أم أُخْرَج كما أُخرج الأنبياء قبلي، أم أُقتل كما قُتلوا، وأنتم أيها المصدقون ما أدري أتخرجون معي (٣)، أم تتركون، وأنتم أيها المكذبون ما أدري أترمون بالحجارة، أم يخسف بكم كالمكذبين قبلكم.

(١) انظر: "الكشاف" للزمخشري (٤/ ٣٠١)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ٩٤)، وقد روى الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ١٠٠) عن الحسن قوله: أما في الآخرة، فمعاذ الله؛ فقد علَّم الله أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل، ولكن قال: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾ في الدنيا. وهو الصحيح كما قال القرطبي في "تفسيره" (١٦/ ١٨٦).
(٢) انظر: "المحرر الوجيز" (٥/ ٩٤)، و"تفسير القرطبي" (١٦/ ١٨٧).
(٣) "معي" زيادة من "ت".


الصفحة التالية
Icon