قال ابن عبّاس (١): قال أنس: ما أُخفيَ على النّبيّ - ﷺ - شيء من أمر المنافقين بعد نزول هذه الآية (٢).
﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ فحواه، المعنى: أنك تعرفهم فيما يعرضون به من تهجين أمرك وأمور المسلمين، فكان لا يتكلم عنده - ﷺ - منافق إِلَّا عرفه، والأكابر يعرفون صدق المريد من كذبه بسؤاله وكلامه.
﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ فيجازيكم بها.
* * *
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (٣١)﴾.
[٣١] ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ لنعاملنكم معاملة المختبرين؛ بأن نأمركم بالجهاد والقتال ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ والمراد: علم الظهور؛ أي: نبلوكم حتّى يظهر ما نخبر به عنكم من أفعالكم؛ من جهاد وصبر وغيرهما ﴿وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ نظهرها بسبب طاعتكم وعصيانكم (٣). قرأ أبو بكر عن عاصم: (وَلَيَبْلُوَنَكمْ حَتَّى يَعْلَمَ)، (وَيَبْلُوَ) بالياء في الثلاثة؛ لقوله تعالى: (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)، وقرأهن الباقون: بالنون، لقوله: (وَلَوْ نَشَاءُ
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" (١٦/ ٢٥٢)، وذكره البغوي في "تفسيره" (٤/ ١٦١)، والزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٣٣٠).
(٣) في "ت": "إبائكم".