أبو عمرو: (لِيَغْفِر لَّكَ) بإدغام الراء في اللام (١)، والمراد هنا: أن الله فتح لك؛ لكي يجعل ذلك أمارة وعلامة لغفرانه لك؛ فكأنّها لام صيرورة، ولهذا قال - ﷺ -: "لقد أنزلت عليَّ اللَّيلة سورة هي أحبُّ إليَّ من الدنيا" (٢).
﴿مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ﴾ يعني: ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك.
﴿وَمَا تَأَخَّرَ﴾ ذنوب أمتك بدعوتك، وقيل: مقصد الآية: أنك مغفور لك، غير مؤاخذ بذنب أن لو كان.
﴿وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ بإظهارك وتعليتك على عدوك، والرضوان في الآخرة.
﴿وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ أي: إلى صراط؛ أي: يثبتك على الدِّين، فجمع الله لنبيه - ﷺ - في هذه السورة نعمًا مختلفة من الفتح المبين، وهو من أعلام الإجابة، والمغفرة، وهي من أعلام المحبة، وتمام النعمة، وهي من أعلام الاختصاص، والهداية، وهي من أعلام الولاية، فالمغفرة تبرئة من العيوب، وتمام النعمة بلاغ (٣) الدرجة الكاملة، والهداية هي الدّعوة إلى المشاهدة.
* * *
﴿وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣)﴾.
[٣] ﴿وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا﴾ وهو الّذي معه غلبة العدو، والظهور عليه،
(٢) رواه مسلم (١٧٨٦)، كتاب: الجهاد والسير، باب: صلح الحديبية في الحديبية، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٣) في "ت": "إبلاغ".