النار، فدعاه النبي - ﷺ -، وقال "أما (١) ترضى أن تعيش حميدًا وتموتَ شهيدًا وتدخلَ الجنة؟ "، فقال؛ رضيتُ ببشرى الله ورسوله، ولا أرفع صوتي أبدًا على رسول الله - ﷺ -، فأنزل الله:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ (٢) إجلالًا له.
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ أي: اختبرها بأنواع المحن ﴿لِلتَّقْوَى﴾ أي: لتظهر التقوى بالاختبار وصد النفس عن مرادها ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ واستُشهد ثابت يوم القيامة في حرب مسيلمة الكذاب في خلافة أبي بكر -رضي الله عنه-.
...
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤)﴾.
[٤] ونزل في وفد بني تميم حين وفدوا على رسول الله - ﷺ -، فدخلوا المسجد، ودنوا من حُجَر أزواج النبي - ﷺ -، وهي تسعة، فعجلوا، ولم ينتظروا، ونادوا بجملتهم: يا محمد! اخرج إلينا؛ فإن مدحنا زين، وذمنا شين، فتربص مدة، ثم خرج - ﷺ - وهو يقول: "إنما ذلكم اللهُ الذي مدحُه زَيْن وذمُّه شَيْن": ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾ (٣) جمع حجرة، وهو ما يحجر عليه من الأرض بحائط، والمراد: حجرات نساء النبي - ﷺ -. قرأ
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٠٤٢٥)، والطبري في "تفسيره" (٢٦/ ١١٩)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٣١٠)، والحاكم في "المستدرك" (٥٠٣٤).
(٣) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ١٤٦)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (٨/ ١٠٦)، و"تفسير الثعلبي" (٩/ ٧٣).