﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ حيث اقتصر على النصح والتقريع لهؤلاء المسيئين الأدب (١)، والتاركين تعظيم الرسول.
...
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)﴾.
[٦] روي أن رسول الله - ﷺ - بعث الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه إلى بني المصطلق مُصَدِّقًا، وكان بينه وبينهم عدواة في الجاهلية، فلما سمع به القوم، خرجوا يتلقونه تعظيمًا لأمر رسول الله، فخافهم، فرجع من الطريق هاربًا، فجاء النبيَّ - ﷺ -، وقال: إنهم قد منعوا الصدقة، وهموا بقتلي، فغضب رسول الله - ﷺ -، وهَمَّ بغزوهم، فأتوا رسول الله - ﷺ -، وقالوا: يا رسول الله! خرجنا نتلقاه، فرجع، فخشينا أن يكون قد رده كتاب أتاه منك، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله، فاتهمهم في قولهم، وأرسل إليهم بعد عودهم إلى بلادهم خالد بن الوليد، فلم ير فيهم إلا الطاعة والخير، فانصرف إلى رسول الله - ﷺ -، وأخبره بذلك، فأنزل الله تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ﴾ (٢) يعني: الوليد بن عقبة ﴿بِنَبَإٍ﴾ بخبر ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: (فَتَثَبَّتُوا) بالتاء والثاء؛ من التثبت؛ أي: توقفوا، وقرأ الباقون: بالياء والنون؛ من التبين (٣)؛ أي:

(١) "الأدب" زيادة من "ت".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٨٧)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ١٤٦).
(٣) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٩٧)، و"الكشف" لمكي (١/ ٣٩٤)،=


الصفحة التالية
Icon