﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)﴾.
[٣٠] ﴿يَوْمَ﴾ أي: واذكر يوم ﴿نَقُولُ لِجَهَنَّمَ﴾ استفهام توبيخ لداخليها، وتصديق لقوله تعالى ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ [الأعراف: ١٨].
﴿هَلِ امْتَلأَتِ﴾ فتجيب مستفهمة تأدبًا، وليكون الجواب وفق السؤال ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ زيادة. قرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم: (يَوْمَ يَقُولُ) بالياء؛ أي: يقول الله، وقرأ الباقون: بالنون التي للعظمة (١)، واختلف الناس هل يقع التقرير وهي قد امتلأت، أو هي لم تمتلئ بعد؟ فقال بكل وجه جماعةٌ من المتأولين، وبحسب ذلك تأولوا قولها: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾، فمن قال: إنها تكون ملأى، جعل قولها: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ على معنى التقرير ونفي المزيد؛ أي: وهل عندي موضع يزاد فيه شيء؟ وهو قول عطاء، ومجاهد، ومن قال: إنها تكون غير ملأى، جعل قولها: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ على معنى السؤال والرغبة بالزيادة، وهو قول ابن عباس (٢).
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزالُ جهنم تقولُ: هل من مزيد، حتى يضع ربُّ العزة فيها قدمَه، فتقول قَطْ قَطْ وعزتك، وتزوي بعضها إلى بعض، ولا يزال في الجنة فضل حتى يُنشئ الله خلقًا فيسكِنَهُ فُضولَ الجنة" (٣)، وقوله: قط قط: حسبي حسبي.
(٢) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ١٦٥).
(٣) رواه البخاري (٦٢٨٤)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: الحَلِف بعزة الله وصفاته، ومسلم (٢٨٤٨)، كتاب: الجنة، باب: النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، من حديث أنس. =