توطئة لدعائهم، وإيجاب لأنهم أهل هذه الرتب الرفيعة، فإذا تقرر ذلك، فلا مانع من الإيمان، وهذا كما تريد أن تندب رجلًا إلى عطاء، فتقول له: أنت يا فلان من قوم أجواد، فينبغي أن تكرم، وهذا مطرد في جميع الأمور إذا أردت من أحد فعلًا خَلَّقته بخلق أهل ذلك الفعل، وجعلت له رتبتهم، فإذا تقرر في هؤلاء أن الرسول يدعوهم، وأنهم ممن أخذ ميثاقهم، فكيف يمتنعون من الإيمان.
﴿وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ﴾ بالإيمان حين الإخراج من ظهر آدم على ما مضى في سورة الأعراف. قرأ أبو عمرو: (أُخِذَ) بضم الهمزة وكسر الخاء مجهولًا، (مِيثَاقُكمُ) بالرفع فاعل، وقرأ الباقون: بفتح الهمزة والخاء، ونصب (مِيثَاقَكُمْ) مفعولًا (١)، والآخذ على كلِّ قول هو الله تعالى.
﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي: إن دمتم على ما بدأتم به.
...
﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٩)﴾.
[٩] ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ﴾ محمد - ﷺ -. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب: (يُنْزِلُ) بإسكان النون وتخفيف الزاي، والباقون: بفتح النون وتشديد الزاي (٢) ﴿آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ يعني: القرآن.
(٢) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤٠٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٧/ ٨٠).