والمعنى على القراءات كلها؛ أي: يحرِّمون أزواجَهم بالظهار، والظهار: أن يشبه امرأته أو عضوًا منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد، أو إلى أمد، أو بها، أو بعضو منها، فإذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي، أو كَيَدِ أختي، ونحو ذلك، أو حرام، فيحرم عليه وطؤها حتي يكفِّر بالاتفاق.
﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ أي: ليس قول الرجل لزوجته: أنتِ عليَّ كظهر أمي، أو كشيء من أعضائها، ويجعلها كأمه في الحرمة بصحيح.
﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ حقيقةً ﴿إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ﴾ والمرضعات، وزوجات النبي - ﷺ - ملحقات بالوالدات في الحرمة، وأما المظاهَرات، فأبعد شبهًا بالوالدات. واختلاف القراء في الهمز من (الَّلائِي) كاختلافهم فيه في حرف سورة الأحزاب [الآية: ٤].
﴿وَإِنَّهُمْ﴾ أي: المظاهرون ﴿لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ﴾ هو جعلُ الزوجةِ أمًا تنكره الحقيقة ﴿وَزُورًا﴾ باطلًا.
﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ﴾ عما سلف من الظهار ﴿غَفُورٌ﴾ لمن تاب.
...
﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣)﴾.
[٣] ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ تقدم اختلاف القراء في (يُظَاهِروُنَ).
﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ أي: يريدودن العود إلى التَّماسِّ، وهو كناية عن الجماع، فعند الإمام أحمد: العود: هو الوطء، وعند أبي حنيفة ومالك: هو العزم على الوطء، وعند الشافعي: هو أن يمسكها عقب الظهار زمانًا