لأنها ليلة تقدير الأحكام والأمور، يقدر الله فيها أمر السنة في عباده وبلاده إلى السنة المقبلة؛ لقوله ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: ٤].
...
﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)﴾.
[٣] روي أن رسول الله ذُكر له رجلٌ من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألفَ شهر، فعجب رسولُ الله - ﷺ -، وتمنى ذلك لأمته، فقال: "يا ربِّ جعلْتَ أمتي أقصرَ الأممِ أعمارًا، وأقلَّ أعمالًا"، فأعطاه الله ليلة القدر (١)، فقال: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ أي: قيامُها والعبادةُ فيها.
﴿خَيْرٌ مِنْ﴾ عمل ﴿أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ليس فيها ليلةُ القدر، وهي ثماثون سنة، وثلاثة أعوام، وثلث عام (٢).
وروي عن الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: أنه قال حين عوتب في تسليمه الأمرَ لمعاوية: "إن الله تعالى أرى نبيَّه في المنام بني أمية ينزون على منبره نزوَ القردة، فاهتمَّ لذلك، فأعطاه الله ليلة القدر خير له ولذريته ولأهل بيته من ألف شهر" (٣)، وهي مدة ملك بني أمية، وأعلمه أنهم يملكون أمر الناس هذا القدرَ من الزمان، ثم كُشِفَ الغيبُ أن كان من سنة الجماعة إلى قتل مروان الجعدي آخر ملوكهم هذا القدر من الزمان بعينه.

(١) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٦٥٨).
(٢) "وثلث عام" ساقطة من "ت".
(٣) كذا ساقه ابن عطية في "المحرر الوجيز" (٥/ ٥٠٥)، وقد روى أبو يعلى في "مسنده" (٦٤٦١)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الذهبي في "السير" (٢/ ١٠٨) في ترجمة الحكم بن أبي العاص: ويروى في سبه أحاديث لم تصح. فذكر هذا الحديث منها.


الصفحة التالية
Icon