والجمهور من أهل العلم على أنها في شهر رمضان، وعامة الصحابة والعلماء على أنها باقية إلى يوم القيامة، وقد أبهمها الله -عز وجل- على الأمة؛ ليجتهدوا في الدعاء والعبادة لياليَ شهر رمضان؛ طمعًا في إدراكها، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، واسمَه الأعظم في الأسماء، وأخفى قيامَ الساعة (١)؛ ليجتهدوا في الطاعات؛ حذرًا من قيامها.
واختلف الأئمة فيها، فعند أبي حنيفة: هي في شهر رمضان تدور فيه، وعنه رواية تدور في كل السنة، وعند صاحبيه: هي منكَّرة؛ أي: غير معينة، ولكنها دائمة في شهر رمضان؛ أي: ثابتة لا تتقدم ولا تتأخر، وعند مالك: هي في شهر رمضان في العشر الأخير لتسع بقين، أو سبع أو خمس، وميل الشافعي إلى أنها ليلة الحادي والعشرين، أو الثالث والعشرين منه، وعند أحمد: هي في العشر الأخير منه، والوتر آكد، وأرجاه ليلة سبع وعشرين.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في "شرح البخاري" (٢) فيها خمسة وأربعين قولًا، ولخصها صاحب "الإنصاف" فيه: الأول: قد رفعت، والثاني: خاصة بسنة واحدة وقعت في زمنه عليه أفضل الصلاة والسلام، الثالث: خاصة بهذه الأمة، الرابع: ممكنة في جميع السنة، الخامس: تنتقل في جميع السنة، السادس: ليلة النصف من شعبان،
(١) "الساعة" ساقطة من "ت".
(٢) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٢٦٢).