﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)﴾.
[٨] ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فيرى الخير كلَّه من كان مؤمنا، والكافر لا يرى في الآخرة خيرًا؛ لأنّ خيره قد عجل له في دنياه، وكذلك المؤمن أيضًا تعجل له سيئاته الصغائر في دنياه (١) في المصائب والأمراض ونحوها. قرأ هشام عن ابن عامر: (يَرَهْ) بإسكان الهاء في الحرفين، وروي عن أبي جعفر ثلاثة أوجه: الإسكان كهشام، واختلاس الضمة، وإشباعها، وروي عن يعقوب: الاختلاس والصلة، وقرأ الباقون: بالإشباع في الصلة (٢).
وروي أنّه كان بالمدينة رجلان، أحدُهما لا يبالي عن الصغائر يرتكبها، وكان الآخر يريد أن يتصدق، فلا يجد إِلَّا اليسير فيستحيي من الصَّدقة، فنزلت الآية فيهما؛ كأنّه يقال لأحدهما: تصدَّقْ باليسير؛ فإن مثقال ذرة الخير يُرى، وقيل للآخر: كف عن الصغائر؛ فإن مثقال ذرة الشر يُرى (٣)، والله أعلم.
* * *
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٩٤)، و"الكشف" لمكي (٢/ ٣٨٦)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (١/ ٣١١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٢١٢).
(٣) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٦٦٧)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ٥١٢)، و"تفسير القرطبي" (٢٠/ ١٥١).