زيدُ بن أرقم إلى عمه، وكان في حجره، وأخبره، فأتى به رسولَ الله - ﷺ -، فأخبره، فقال رسول الله - ﷺ -: "يا زيد! غضبت على الرجل، ولعلك وهمتَ"، فأقسم زيد ما كان شيء من ذلك، ولقد سمع من عبد الله بن أبي ما حكى، فعاتب رسول الله - ﷺ - عبد الله بن أبي عند رجال من الأنصار، فبلغه ذلك، فجاء وحلف، وكذَّب زيدًا، وحلف معه قوم من المنافقين، فصدق رسولُ الله - ﷺ - أيمانَ عبد الله بن أبي، وكذَّب زيدًا، فبقي زيد في منزله لا يتصرف حياءً من الناس، فنزلت هذه السورة عند ذلك، فبعث رسول الله - ﷺ - في أثر زيد، وقالماله: "لقد صدَّقك الله يا زيد، ووفت أُذُنُك"، فخزي عند ذلك عبد الله بن أبي، ومقته الناس، ولامه المؤمنون من قومه، وقال بعضهم: امض إلى رسول الله - ﷺ -، واعترف بذنبك، فيستغفر لك، فلوى رأسه إنكارًا لهذا الرأي، وقال لهم: لقد أشرتم علي بالإيمان، فآمنت، وأشرتم علي بأن أعطي زكاة مالي، ففعلت، ولم يبق لكم إلا أن تأمروني بالسجود لمحمد! فأنزل الله تعالى:
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ (١) لابن أبيّ ﴿تَعَالَوْا﴾ إلى النبي - ﷺ - معتذرين، و (تَعَالَوْا) نداء يقتضي لفظه أنه دعاء الأعلى للأسفل، ثم استعمل في كل داع لما فيه من حسن الأدب.
﴿يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾ أمالوها استكبارًا. قرأ نافع، وروح عن يعقوب: (لَوَوْا) بتخفيف الواو الأولى، والباقون: بتشديدها على تضعيف المبالغة.