الجدار الذي بينها وبين عائشة، وأخبرتها لتسرها بالأمر، ولم تر في إفشائها إليها حرجًا، واستكتمتها، فأوحى الله بذلك إلى نبيه ونزل:
﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيّ﴾ (١) تقدم مذهب نافع في المد والهمز في أول سورة الطلاق.
﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾.
وقيل: شرب عسلًا عند حفصة، فواطأت عائشة سودة وصفية، فقلن له: إنا نشم منك ريحَ المغافير (٢) -وهو صمغ له ريح منكرة، وكان - ﷺ - يشتد عليه أن يُشم منه ما يكره، فحرم العسل، فنزلت.
قال ابن عطية (٣): والقول الأول أن الآية نزلت بسبب مارية أصحُّ وأوضح، وعليه تفقه الناس في الآية (٤).
فإذا قال الرجل لزوجته: أنت عليَّ حرام، أو ما أحلَّ اللهُ عليَّ حرامٌ، فقال أبو حنيفة: هو ما أراد من الطلاق، فإن لم يرد الطلاق، فليس بشيء، وقال مالك: هو ثلاث في المدخول بها، وينوي في غير المدخول بها، فهو ما أراد من الواحدة أو الاثنتين أو الثلاث، ومتى حرم مالًا أو جارية دون أن يعتق، أو يشترط عتقًا أو نحو ذلك، فليس تحريمه بشيء، وقال الشافعي: إن نوى طلاقًا أو ظهارًا، حصل، أو نواهما، تخير، وثبت ما اختاره، وإن

(١) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٤٢٤).
(٢) رواه البخاري (٤٦٢٨)، كتاب: التفسير، باب: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾، ومسلم (١٤٧٤)، كتاب: الطلاق، باب: وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) انظر: "المحرر الوجيز" (٥/ ٣٣٠).
(٤) "في الآية" زيادة من "ت".


الصفحة التالية
Icon