وإن كانت الفاء عاطفة كان ذلك الاسم مرفوعًا، إما مبتدأ كما تأول سيبويه في قوله تعالى: ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا﴾ وإما خبر مبتدأ محذوف، كما قيل: القمر والله فانظر إليه، والنصب على هذا المعنى دون الرفع، لأنك إذا نصبت احتجت إلى جملة فعلية تعطف عليها بالفاء، وإلى حذف الفعل الناصب، وإلى تحريف الفاء إلى غير محلها، فإذا قلت: زيدا فاضربه، فالتقدير: تنبه فاضرب زيدا اضربه، حذفت (تنبه) وحذفت (اضرب) وأخرت الفاء لدخولها على المفسر، وكان الرفع أولى لأنه ليس فيه إلا حذف مبتدأ، أو حذف الخبر، فالمحذوف أحد جزئ الإسناد فقط، والفاء واقعة في موقعها.
يجوز أن تقول: زيدًا فاضربه ولا يجوز زيدًا فتضربه. البحر ١: ٣٨٤ - ٣٨٥.
٩ - ترجح النصب على الرفع المعطف على جملة فعلية في آيات كثيرة من القرآن الكريم:
١ - ﴿ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك﴾ [٤: ١٦٤]. معاني القرآن للزجاج [٢: ١٤٦].
٢ - ﴿إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله﴾ [٦: ٣٦]. العكبري ١: ١٣٤، البحر ٤: ١١٧.
٣ - ﴿فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة﴾ [٧: ٣٠]. البحر ٤: ٢٨٨.
٤ - ﴿فأتبعه شهاب مبين. والأرض مددناها﴾ [١٥: ١٩]. البحر ٥: ٤٥.
٥ - ﴿ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون، والجان خلقناه من قبل من نار السموم﴾ [١٥: ٢٧]. الجمل ٢: ٤٣٦.
٦ - ﴿خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين، والأنعام خلقها﴾ [١٦: ٥].