الكثيرون أن يهجموا على الحديث في كل شئ دون أن يكون عندهم علم فيه، وإنما هي الظنون أو الأوهام.
(د) يلاحظ من قصة آدم أن استعداد الإنسان للعلم هو سر استخلافه وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها.. وفي عصرنا تبينت لنا آفاق هذا السر كثيرا حيث نرى ما استطاع الإنسان أن يكتشفه من أسرار هذا الكون، ولكن للأسف فإن الإنسان سخر هذا من أجل التدبير لسفك الدماء وإفساد الأرض، وكل ذلك بسبب غياب المسلمين عن حكم هذا العالم بكلمة الله، ولكن أليس من المؤسف أن تكون حصة المسلمين منذ قرون في استكشاف هذا الكون ومعرفة أسراره أقل من غيرهم!؟ وكان هذا من عوامل سيطرة الكافرين، إن على المسلمين أن يعودوا رجال قمة في كل اختصاص كوني.
(هـ) يلاحظ من خلال قصة آدم أن الله عزّ وجل أبرز للملائكة مزية آدم ثم أمرهم بالسجود، وكانت المزية هي العلم، وهذا درس كبير في موضوع اختيار القيادات، وهو شئ كنا نراه في حياة رسول الله ﷺ كثيرا، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يري المزية ثم يؤمر كما فعل مع الوفد الذين أمر عليهم رجلا من أحدثهم سنا وليس من أشرفهم لأنه يحفظ سورة البقرة، إن أهم قضية ينبغي أن تلاحظ في التقديم والتأخير هي العلم في القضية التي من أجلها يكون التقديم والتأخير، وبمناسبة قوله تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها يقول النسفي: أفادتنا الآية أن علم الأسماء فوق التخلي (أي التفرغ) للعبادة فكيف بعلم الشريعة؟!
(و) وفي قصة آدم من العبر الكثير، فمن فهمها وأخذ عبرها استقام أمره، ولذلك أمرنا الله أن نتذكرها فهي قصة البداية التي ينسحب أثرها على الزمان كله، وهي قصة الفطرة، ومن عبرها امتحان الإنسان بالشيطان وامتحان الناس بعضهم ببعض، وهذا يقتضي من الإنسان العاقل أن يحذر لينجح في الامتحان، ولا نجاح إلا بملازمة الأمر ومجانبة النهي، ومن عبرها أن الله عزّ وجل عرف الإنسان فيها على طريق الخلاص من الذنب إذا وقع فيه وذلك بالتوبة. قال ابن عباس ذاكرا ما تم بين آدم وربه بعد الخطيئة قال آدم عليه السلام: يا رب ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى. وكتبت علي أن أعمل هذا؟ قيل له: بلى. قال: أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة؟ قال: نعم».
ومن عبرها أن الكبر بداية الخطأ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» ثم عرف الكبر بأنه «غمط الناس وبطر الحق». ومن