ثم إنه منذ العصور الأولى وجدت عقلية حرفية، تحاول أن تفهم نصوص الكتاب والسنة غير مراعية طرائق العرب في الخطاب والفهم، كما وجدت عقلية تأويلية تنطلق بالتأويل بدون ضوابط، وهناك عقلية تريد أن تفهم الأصل على ضوء الفرع، وعقلية تنسى الأصل وتستيقظ على الفرع، وكل ذلك لا يسع المسلمين أن يبقوا على غفلة عنه في عصر المخاض لميلاد الدولة الإسلامية العالمية بإذن الله تعالى.
هذه النقاط الخمس تشكل الدوافع الأقوى لإصدار هذه السلسلة، ولكن هل استطعت أن أحقق هذه الأحلام؟ لا أقول هاهنا شيئا فلي كلمة في الختام، ولكن أستعين بالله عزّ وجل وأبدأ، وأرجو ألا يندم أحد سهر الليالي في قراءة هذه السلسلة، بل إنني لأرجو أن ينتهي القارئ منها وقد شعر أنه بحاجة إلى أن يقرأها مرة ومرة. وإني لأعتبر السلاسل الأربع التي أصدرتها: سلسلة الأصول الثلاثة، وسلسلة في البناء وسلسلة إحياء الربانية، وهذه السلسة مما لا ينبغي أن يتجاوزها طالب علم إلا وقرأها، فضلا عن إنسان له دور الداعية أو المربي في هذه الأمة، لأنني أعتبرها جميعا احتياجات عصر.
وإني لأرجو أن أكون بهذه السلاسل قد أجبت على كل شبهة، وأعطيت جواب الحركة الإسلامية على كل المسائل المعاصرة. ومن ثم فإنني أرجو أن تكون نقاط علام مضيئة على طريق طويل، وضع النقاط الأولى فيه حسن البنا، ووضع النقاط التالية فيه حسن الهضيبي، ووضع نقاطا مضيئة كثيرة فيه سيد قطب وغيره من أبناء هذه الحركة في الشرق الإسلامي وعلى امتداد هذا العالم؛ فإن الكثيرين قد وضعوا من هذه النقاط على هذا الطريق، وأخص بالذكر منهم الأستاذ أبا الأعلى المودودي، وشيخنا أبا الحسن الندوي، فجزى الله الجميع خيرا. ولئن وضعت اسمي بين هذه الأسماء اللامعة، فما ذلك إلا لتشجيع القارئ على قراءة هذه السلاسل، وإلا فإنني بفضل الله أعرف مكاني وهو الجندية الخالصة لهذه الدعوة الربانية.
هذا ونسأل الله أن يعين وأن يتقبل إنه سميع مجيب. اللهم آمين. ولنبدأ في القسم الأول من هذه السلسلة مبتدءين بالمقدمة المباشرة لقسم الأساس في التفسير.


الصفحة التالية
Icon