أقول: فليلاحظ المحذور والمفاضلة جاءت بالنص.
أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: كنا في سير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم (أي لديغ) وإن نفرنا غيب فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه (أي نعرفه) برقية، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا.
فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي؟ قال: لا ما رقيت إلا بأم الكتاب قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي ﷺ فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي ﷺ فقال: وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم».
أخرج الإمام مسلم والنسائي وهذا لفظه عن ابن عباس قال: «بينما رسول الله ﷺ وعنده جبريل، إذ سمع نقيضا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط. قال: فنزل منه ملك فأتى النبي ﷺ فقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفا منهما إلا أعطيته».
أخرج الإمام مسلم والنسائي وغيرهما وهذه رواية النسائي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا)، غير تمام، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون خلف الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: قال الله عزّ وجل «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدى ما سأل فإذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قال الله حمدني عبدي وإذا قال:
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال الله: أثنى علي عبدي فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله مجدني عبدي وقال مرة فوض إلي عبدي فإذا قال إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل».
أقول وفي سؤال سامعي الحديث أبا هريرة: إنا نكون خلف الإمام وفي إجابته: اقرأ بها في نفسك «ما يدل على أنه كان مشهورا في جيل الصحابة أن الصلاة وراء الإمام لها أحكامها الخاصة في موضوع القراءة، وذلك يستأنس به لمذهب الحنفية إذ لا يقرءون وراء الإمام شيئا من القرآن».