ربوبيته أو مالكيته العليا لا تصح ولو في التسمية. ففي الصحيحين عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال: «أبغض اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ولا مالك إلا الله»، وقد وقع في هذا الغلط الكثيرون ممن حكموا المسلمين.
فصل في رد مزاعم:
- مما ذهبت إليه الفلسفة اليونانية أن الله عز وجل لا يتدخل في شؤون الخلق، والآن تجد أكثر الخلق لا يعتبرون أن من حق الله عز وجل أن يتدخل في أمر الناس، وليست فكرة فصل الدين عن الدولة إلا مظهرا من مظاهر هذه العقلية، وفي سورة الفاتحة تصحيح لهذه المعاني كلها: فالله رب العالمين هو الخالق وهو المربي وهو المالك، وعلى الناس أن يعبدوه وأن يسيروا في طريقه طالبين العون والهداية.
زعم بعض المستشرقين أن الدين الإسلامي لا يعرف أهله فيه عن الله عز وجل إلا صفات القسوة وأي زعم أظهر في البطلان من هذا الزعم؟! فالإسلام الذي يبتدئ كتابه بقوله تعالى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ والذي تثنى فيه كلمتا الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بعد آية من ذلك، هل يدعي ما ادعوه إلا مجنون؟! ألا إنه العمى عن الحق ليس إلا. فالله غفور رحيم، وهو عزيز ذو انتقام، ولله الأسماء الحسنى. في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ما طمع في جنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من رحمته أحد»، ولكن الله عز وجل حدد في كتابه المرحومين وغيرهم فحيثما كان له حكم فعنده نقف.
فصل في مسألة اعتقادية:
من المسائل التي وقع فيها خلاف كثير بين أهل السنة والجماعة وبين المعتزلة مسألة تسمى بمسألة خلق الأفعال. فأهل السنة يرون أن كل شئ يجري في هذا الكون إنما هو بعلم الله وإرادة الله وقدرة الله، وذلك لا ينافي اختيار الإنسان وهو موضوع سنبسطه في أكثر من مكان. والمعتزلة يقولون بالقوة المودعة، وأن الإنسان يخلق أفعال نفسه الاختيارية. وهو كلام ظاهره براق لأنه يتفق مع النظرة الحسية، ولكنه منقوض عقلا ونقلا كما سنرى. ومناقشات أهل السنة والجماعة لهم في هذا الموضوع كثيرة، ونادرا ما تجد سورة من سور القرآن إلا ولأهل السنة حجة فيها على المعتزلة في هذا الشأن، ومما استدلوا به على المعتزلة من سورة الفاتحة كلمة الحمد لله فإن الألف واللام للاستغراق، وهذا يفيد أن كل أنواع الحمد لله. وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الله هو الفاعل لكل شئ قال ابن كثير: والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع