الطوال» فهذا نص في أن الأنفال وبراءة من السبع الطوال وإذا كان ما قبلهما ست سور الأعراف فالأنعام فالمائدة فالنساء فآل عمران فالبقرة، فذلك دليل على أن الأنفال وبراءة هما السورة الطويلة السابعة وأن براءة هي نهاية قسم الطوال. قال الشيخ الغماري في كتابه (جواهر البيان): (السبع الطوال أولها البقرة وآخرها براءة)، وإذن فبعد الفاتحة التي هي مقدمة القرآن يأتي القسم الأول من أقسام القرآن الذي يبدأ بالبقرة وينتهي بسورة براءة.
وقد ذكر ابن كثير اتجاها في تفسير السبع الطوال بأن السورة السابعة بعد الأعراف هي يونس ولكن ذكره على أنه قول في تفسير قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. فقد نقل عن مجاهد وغيره أن المراد بها السبع الطوال، وفسرها بأنها البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس. وسنرى عند تفسير هذه الآية أن هذا القول ليس هو الأقوى في تفسيرها، فمن باب أولى ألا يصلح تفسيرا للسبع الطوال. خاصة وكثير من الأدلة تشير إلى أن سورة يونس
من القسم الثاني من أقسام القرآن وليست من القسم الأول.
فسورة يونس مبدوءة ب الر، وكذلك سورة هود بعدها، وهذا يشير إلى أن هذه السور من زمرة واحدة ومجموعة واحدة، ثم إن سورة يونس آياتها (١٠٩)، وسورة هود بعدها آياتها (١٢٣)، بينما سورة براءة وحدها (١٢٩) آية، فهي أطول من سورة هود التي هي أطول من سورة يونس، فإذا عرفنا أن سورة الأنفال خمس وسبعون آية، فإن مجموع آيات سورة الأنفال وبراءة يكون مائتين وأربع آيات، ثم هما بالنص عن الصحابة كما رأينا في رواية الترمذي من السبع الطوال، فلم يبق بعد هذا إلا أن نرد اتجاه مجاهد ومن وافقه من أن سورة يونس هي السابعة في قسم الطوال.
لاحظنا من قبل أنه ما بين آخر فقرة في الفاتحة، وما بين أول سورة البقرة صلة ففي الفاتحة اهْدِنَا وفي البقرة عن القرآن هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. وسنرى أن الصلة بين الفاتحة والبقرة ليست ضمن هذه الحدود فقبل الفقرة الأخيرة من الفاتحة قوله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، وسنرى أن القسم الأول من سورة البقرة يبدأ بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ وينتهي بقوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً، فمقدمة سورة البقرة مرتبطة بآخر فقرة في الفاتحة، والقسم


الصفحة التالية
Icon