والوقوع في النهي، ومن خلال عرض نماذج الانحراف في قصة بني إسرائيل، ومن خلال عرض نماذج الاستقامة في قصة إبراهيم عليه السلام. ولا ينتهي القسم إلا وتأكدت قضية التقوى وقضية السير فيها وقضية العبادة والتوحيد ومظاهر ذلك.
ثم يأتي القسم الثاني: فيؤكد قضية التقوى، ويرسم طرائق التحقيق بها على مستوى الفرد وعلى مستوى الأمة، ويعمق مفهوم الشكر وطرائق الشكر، ولا نكاد ننتهي من هذا القسم إلا وقد وضحت قضية التقوى وقضية العبادة وقضية الشكر، وقضية الصراط المستقيم وقضية الانحراف عنه، واتجاهات المنحرفين، وخلال ذلك يتم الكلام عن كل أركان الإسلام: الإيمان والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، فتصبح أرضية النفس والقلب والعقل جاهزة للسير في الإسلام كله. وهاهنا يأتي القسم الثالث: داعيا إلى الدخول في الإسلام كله فيعرض قضايا في الحرب والعلاقات الاجتماعية في محيط الأسرة وغيرها ويعرض أمهات في قضايا السياسة والاقتصاد، ثم تأتي خاتمة السورة رابطة كل شئ بقضايا الإيمان والتوجه إلى الله معلمة في ذلك مربية عليه مفصلة فيه.
وفيما بين ذلك وخلاله نعرض القضايا الكثيرة، وكل واحدة في محلها تؤدي دورها في بناء الذات، وفي بناء الأمة بعد المقدمات التي تناسب ذلك، وتتولد المعاني الكثيرة في هذا السياق الكبير من خلال المعنى الحرفي للآية، ومن خلال محل الآية في السياق القريب، ومن خلال محلها في السياق البعيد، ومن خلال محل المقطع في القسم، ومحل القسم في السورة، ومحل السورة مع ما قبلها، وما بعدها، وفي هذا السير نجد كثرة الروابط والوشائج والصلات فيما بين الأقسام والمقدمة والخاتمة، وكل ذلك يجري على تسلسل معين وعلى طريقة عجيبة لم يألفها البشر وليس الخبر كالمعاينة فلنبدأ عرض مقدمة السورة:
مقدمة سورة البقرة:
تتألف مقدمة سورة البقرة من عشرين آية:
الأحرف الم وبعضهم يعتبرها آية ثم أربع آيات في وصف المتقين واثنتين في وصف الكافرين وثلاث عشرة آية في المنافقين:
قال مجاهد: أربع آيات من أول سورة البقرة في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين.. وعلى هذا فالمقدمة تتألف من ثلاث فقرات وهذه هي: