(هـ) في قوله تعالى ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ يصح الوقوف على قوله تعالى ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ كما يصح الوقوف على لا رَيْبَ فِيهِ فإذا وقفنا على لا رَيْبَ كان المعنى: هذا القرآن الذي لا يدانيه كتاب بلا شك، فيه هدى للمتقين وفي هذه الحالة يكون في الآية إشارة إلى أن المتقين يأخذون هداية أخرى نفهمها من نصوص الكتاب ذاته إذ المتقون مكلفون بالاهتداء بالسنة مع الكتاب، وبما أحال عليه الكتاب والسنة من طرق الاهتداء إلى حكم الله. أما الوقوف على قوله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ فإنه يفيد أن أصل الريب منفي عن هذا الكتاب، بينما على الوقف الأول، فإن الشك منفي عن أن هذا الكتاب يدانيه كتاب آخر، ثم إن قوله تعالى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ في الوقف على لا رَيْبَ فِيهِ يعطينا أن هداية المتقين محصورة في الكتاب، ولا تنافي بين المعاني فهداية المتقين محصورة في الكتاب.
ولكن الكتاب هداهم إلى اعتماد السنة والاهتداء بها، وإلى اعتماد الإجماع والاهتداء به، وإلى اعتماد القياس وغيره. وهكذا نرى أنه من خلال الوقف فقط عرفنا معاني متعددة يكمل بعضها بعضا ويفسر بعضها بعضا، وسنرى هذا وغيره فندرك كيف أنه من خلال الوقف، ومن خلال القراءات المتعددة، ومن خلال السياق الخاص، ومن خلال السياق العام، تتولد عن هذا القرآن معاني لا نهاية لها، وكل هذا مع تيسير الفهم لكتاب الله، لكل طبقات الناس، بحيث يأخذ كل من مائدة القرآن ثم هي تبقى بلا نفاد.
(و) قال قتادة في نعت المنافق: «خنع الأخلاق يصدق بلسانه وينكر بقلبه ويخالف بعمله، يصبح على حال ويمسي على غيره، ويمسي على حال ويصبح على غيره، ويتكفأ تكفأ السفينة كلما هبت ريح هبت معها».
وقال مالك: المنافق في عهد رسول الله ﷺ هو الزنديق اليوم..
ونقل ابن كثير- عن بعض العلماء- أن المنافقين بعد رسول الله ﷺ إذا أظهروا النفاق وعلمه المسلمون أنهم يقتلون...
وقال ابن كثير: «وقد اختلف العلماء في قتل الزنديق إذا أظهر الكفر، هل يستتاب أم لا؟ أو يفرق بين أن يكون داعية أم لا؟ أو يتكرر منه ارتداده أم لا؟ أو يكون إسلامه ورجوعه من تلقاء نفسه أو بعد أن ظهر عليه؟» وسنتحدث عن هذا


الصفحة التالية
Icon