ويعدمها. والشذوذ الجنسي يصادم الحياة ويعدمها، لأنه يذهب ببذور الحياة في تربة خبيثة لم تعد لاستقبالها وإحيائها. بدلا من الذهاب بها إلى التربة المستعدة لتلقيها وإنمائها. ومن أجل هذا تنفر الفطرة السليمة نفورا فطريا- لا أخلاقيا فحسب- من عمل قوم لوط. لأن هذه الفطرة محكومة بقانون الله في الحياة الذي يجعل اللذة الطبيعية السليمة فيما يساعد على إنماء الحياة لا فيما يصدمها ويعطلها.
ولقد نجد أحيانا لذة في الموت- في سبيل غاية أسمى من الحياة الدنيا- ولكنها ليست لذة حسية إنما هي معنوية اعتبارية. على أن هذه ليست مصادمة للحياة، إنما هي إنماء لها وارتفاع بها من طريق آخر. وليست في شئ من ذلك العمل الشاذ الذي يعدم الحياة وخلاياها).
وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ أي يسارعون إسراعا ويهرولون هرولة كأنهم يدفعون دفعا وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أي لم يزل هذا من سجيتهم حتى أخذوا وهم على ذلك الحال، مرنوا على الفواحش، وقل عندهم استقباحها، فلذلك جاءوا يهرعون مجاهرين لا يكفهم حياء قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ للمفسرين في هذا المقام قولان: الأول: أن بناته نساء قومه فكأنه لفت نظرهم إلى أزواجهم. الثاني: أنه عرض عليهم بناته ليتزوجوا، والتقدير هؤلاء بناتي فتزوجوهن فأراد أن يقي أضيافه ببناته، وذلك غاية الكرم، وكان تزويج المسلمات من الكفار جائزا في ذلك الوقت، كما جاز في الابتداء في هذه الأمة، فقد زوج رسول الله ﷺ ابنتيه من عتبة بن أبي لهب، وأبي العاص، وهما كافران وهذا القول أقوى فَاتَّقُوا اللَّهَ بترك الفاحشة وفعل المباح وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أي ولا تهينوني ولا تفضحوني، أو لا تخجلوني في حق ضيوفي؛ فإنه إذا خزي ضيف الرجل أو جاره فقد خزي الرجل، وذلك من عراقة الكرم وأصالة المروءة أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ أي فيه خير يقبل ما آمره
به، ويترك ما أنهاه عنه، أي أليس فيكم رجل واحد يهتدي إلى طريق الحق وفعل الجميل والكف عن السوء؟
قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ قال ابن كثير: أي إنك لتعلم أن نساءنا لا أرب لنا فيهن ولا نشتهيهن، وقال آخرون إنك لتعلم ما لنا في بناتك من حاجة؛ لأن نكاح الإناث أمر خارج عن مذهبنا؛ فمذهبنا إتيان الذكران وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ أي إنما نريد الرجال
قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أي لفعلت بكم ولصنعت، أي لو قويت عليكم بنفسي لنكلت بكم أَوْ