حين جعل يسأله عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فجعل يقول له: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ فيقول نعم ثم يقول أتشهد أني رسول الله فيقول لا أسمع فيقول له مسيلمة لعنه الله: أتسمع هذا ولا تسمع ذاك؟ فيقول نعم، فجعل يقطعه عضوا عضوا، كلما سأله لم يزده عن ذلك، حتى مات في يديه، فقال كعب حين قيل له اسمه حبيب: وكان والله صاحب يس اسمه حبيب).
٤ - [تحقيق حول اسم القرية التي ضربها الله مثلا في سورة يس]
ما اسم هذه القرية؟ لا توجد روايات عن رسولنا عليه الصلاة والسلام في هذا الشأن وإنما هناك روايات مرجعها أهل الكتاب تلقاها الكثير بالقبول، وهي محل نظر، ولا يترتب على الأمر عمل، وإلا لكان الله عزّ وجل أو رسوله صلّى الله عليه وسلم سمى لنا ذلك. وقد حقق ابن كثير في أمر اسم القرية فقال: (وقد تقدم عن كثير من السلف أن هذه القرية هي أنطاكية، وأن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلا من عند المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، كما نص عليه قتادة وغيره، وهو الذي لم يذكر
عن واحد من متأخري المفسرين غيره، وفي ذلك نظر من وجوه (أحدها) أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله عزّ وجل، لا من جهة المسيح عليه السلام، كما قال تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ إلى أن قالوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ* وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ولو كان هؤلاء من الحواريين لقالوا عبارة تناسب أنهم من عند المسيح عليه السلام، والله تعالى أعلم، ثم لو كانوا رسل المسيح لما قالوا لهم إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا. (الثاني) أن أهل أنطاكية آمنوا برسل المسيح إليهم وكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح، ولهذا كانت عند النصارى إحدى المدائن الأربعة اللاتي فيهن بتاركة وهنّ (القدس) لأنها بلد المسيح و (أنطاكية) لأنها أول بلد آمنت بالمسيح عن آخر أهلها و (الإسكندرية) لأن فيها اصطلحوا على اتخاذ البتاركة والمطارنة والأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين. ثم (رومية) لأنها مدينة الملك قسطنطين الذي نصر دينهم وأوطده، ولما ابتنى القسطنطينية نقلوا البترك من رومية إليها، كما ذكره غير واحد ممن ذكر تواريخهم، كسعيد بن بطريق وغيره من أهل الكتاب والمسلمين. فإذا تقرر أن أنطاكية أول مدينة آمنت فأهل هذه القرية ذكر الله تعالى أنهم كذبوا رسله، وأنه أهلكهم بصيحة واحدة أخمدتهم والله أعلم.
(الثالث) أن قصة أنطاكية مع الحواريين أصحاب المسيح بعد نزول التوراة، وقد ذكر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغير واحد من السلف أن الله تبارك وتعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم، بل أمر المؤمنين بعد ذلك