والمواد التي نأكلها والتي ننتفع بها في حياتنا- والأقوات أوسع مما يؤكل في البطون- كلها مركبات من العناصر الأصلية التي تحتويها الأرض في جوفها أو في جوها سواء. وعلى سبيل المثال هذا السكر ما هو؟ إنه مركب من الكربون والإيدروجين والأكسجين. والماء علمنا تركيبه من الإدروجين والأكسجين.. وهكذا كل ما نستخدمه من طعام أو شراب أو لباس أو أداة.. إن هو إلا مركب من بين عناصر هذه الأرض المودعة فيها..
فهذا كله يشير إلى شئ من البركة وشئ من تقدير الأقوات.. في أربعة أيام.. فقد تم هذا في مراحل زمنية متطاولة.. هي أيام الله، التي لا يعلم مقدارها إلا الله.
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ* فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ.. إن هناك اعتقادا أنه قبل خلق النجوم كان هناك ما يسمى السديم. وهذا السديم غاز.. دخان.
«والسدم- من نيرة ومعتمة- ليس الذي بها من غاز وغبار إلا ما تبقى من خلق النجوم. إن نظرية الخلق تقول: إن المجرة كانت من غاز وغبار. ومن هذين تكونت بالتكثّف النجوم، وبقيت لها بقية. ومن هذه البقية كانت السدم. ولا يزال من هذه البقية منتشرا في هذه المجرة الواسعة مقدار من غاز وغبار، يساوي ما تكونت منه النجوم. ولا تزال النجوم تحرص منه بالجاذبية إليها. فهي تكنس السماء منه كنسا.
ولكن الكناسين برغم أعدادهم الهائلة قليلون بالنسبة لما يراد كنسه من ساحات أكبر وأشد هولا»
(١).
وهذا الكلام قد يكون صحيحا لأنه أقرب ما يكون إلى مدلول الحقيقة القرآنية:
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ.. وإلى أن خلق الله السموات تم في زمن طويل. في يومين من أيام الله.
ثم نقف أمام الحقيقة الهائلة: فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً. قالَتا: أَتَيْنا طائِعِينَ.

(١) المصدر السابق.


الصفحة التالية
Icon