مِنْ: نَدَّ إذا انْفَرَدَ، وهذا المعنى مُقْتَصٌّ من قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٦] ومَنْ خَفَّفَ فهو من تَفاعَلَ منَ النِّداءِ، وهذا المعنى مُقْتَصّ من قوله تَعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٤٤]، وقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٥٠]، وقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ﴾ [الأعراف: ٤٨]، وما أشبه هذا من الآيات التي فيها ذكر النداء.
ومنهُ قولُه تعالى: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [يونس: ٦٤]، فالبشرى: الجَنَّةُ، مُقَتصَّة من قوله تعالى: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت: ٣٠].
وقد يكونُ الاقتصاصُ مُتَّصِلاً؛ كقولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل: ١٦]، فبيانُ الرسول مُقْتَصٌّ منَ الآيةِ الأولى المُتَّصِلَةِ بهذه، وهي قولُه تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾ [المزمل: ١٥].
القسمُ الثَّاني: التَّفسيرُ والبيانُ (١)، ويسميهِ بعضُ أهلِ العلم بالقُرْآنِ: الجَوابَ، وهو شديدُ الشَّبَهِ بالنوعِ الأولِ، وهو متصلٌ ومنفصلٌ كالقِسْم الأولِ.
فالمتصل: كقولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ [الأنفال: ١]، فبيان هذا قولُه تعالى: ﴿قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ١]، ومثْلُه قولُ اللهِ

=و "تفسير الرازي" (٢٧/ ٦١). وانظر لما سبق جميعاً في: "معجم القراءات القرآنية" (٦/ ٤٤).
(١) انظر: "البرهان في علوم القرآن" للزركشي (٣/ ٤١)، و "الإتقان" للسيوطي (٢/ ٨٦٤).


الصفحة التالية
Icon