فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: ١٥] فقال النَّبي -صَلَّى الله عليه وسلم -: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبيلاً" (١)، الحديث، عندَ مَنْ جَعل آيةَ الإمساك مَنْسوخَةً بالحُدودِ، وسيأتيَ بيانُ ذلكَ وتحقيقُهُ عندَ الكَلامِ على الأَحْكام- إن شاءَ اللهُ تعالى-.
الرابعُ: يُعْلَمُ بتأخُّرِ أحدِ اللَّفْظَينِ عنِ الآخَرِ، فالآيةُ المَدَنِيَّةُ تنسَخُ المَكِّيَّةَ، وهو كثيرٌ في القرآنِ، والمدنيةُ المتأخّرَةُ تنسخُ المدنيةَ المتقدِّمَةَ، وهو أكثر منسوخِ القرآن، والمكية المتأخرة تنسخ المكية المتقدمة، وقلَّ أنْ يوجَدَ هذا النوعُ ظاهِراً مُتَّفقاً عليهِ عندَ أهلِ العلمِ؛ لأنَّ نُزولَ ذلك قبلَ تشريعِ الأَحْكامِ.
ويجبُ على طالبِ علمِ القرآنِ أن يعلمَ (٢) المَكِّيَّ من المدني.
وقد مَيَّزَ أهلُ العلمِ ذلكَ، وبيَّنوه بَياناً خاصًّا، وذكروا لهُ أيضاً علاماتٍ ودَلائِلَ.
قالوا: كُلُّ سورَة فيها: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ وليس فيها: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، فهي مكية، وفي "الحَجِّ" اخْتلافٌ.
وكلُّ سورة فيها: ﴿كلا﴾ فهي مكية؛ لأنه ردٌّ ورَدْع.
وكلُّ سورةٍ في أولها حروف المُعْجَمِ مثل ﴿الر﴾، و ﴿حم﴾ وشِبْهُهُ، فهي مكية، سوى "سورة البقرةِ" و "آلِ عِمرانَ"، وفي "الرعدِ" اختلافٌ.

(١) رواه مسلم (١٦٩٠)، كتاب: الحدود، باب حد الزنا، عن عبادة بن الصَّامت، وتمامه: ".. البكر بالبكر جلد مئة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مئة والرجم".
(٢) في "ب": "تعلم" بدل "أن يعلم".


الصفحة التالية
Icon