قال أبو عبدِ اللهِ الشافِعُّي -رضي اللهُ عنهُ-: ولا يَعلمُ مِنْ إيضاحِ جُمَلِ عِلْمِ الكتابِ أحدٌ جهلَ سَعَةَ لسانِ العربِ وكثرةَ وجُوهِه، وجِماعَ مَعانيهِ، ومَنْ علمَ ذلكَ انتفتْ عنه الشُّبَهُ التي دخلتْ على من جَهِل لسانَها (١).
ثم اعلَموا أن أهلَ العلمِ قد قَسَّموا لغةَ العربِ إلى أربعةِ أقسامٍ، وأفردوا كلَّ قسمٍ منها بتصنيفٍ:
فالقسمُ (٢) الأولُ: علمُ الغَريبِ؛ كالعلمِ بالأسماءِ؛ كأسماءِ الأسَدِ والذِّئبِ والإِبِلِ والخَيْل، وأسماءِ السِّلاحِ والفَيافي والقِفارِ (٣)، وغيرِ ذلكَ، وكالعِلْمِ بالأفعالِ وتصاريفِها، ويكفي أَهْلَ النَّظَرِ والفُتْيا (٤) منهُ طَرَفٌ يعرفونَ بهِ الألفاظَ الدائرة في الكتاب والسُّنَّةِ، ولا يضرُّهُمْ جَهْلُ ما وراءَ ذلكَ من حُوشِيِّ اللُّغَةِ وغَريبها؛ لسهولةِ ألفاظِ القرآنِ والسُّنَّةِ، وسَماحتِها، وخُلُوِّها عنِ الألفاظ الحُوشِيَّةِ غالِباً.
وقد أفردَ أهلُ العلمِ غريبَ القرآنِ والسُّنَّةِ بالتَّصانيفِ الكافيةِ المفيدةِ (٥).
والقسمُ الثاني: علمُ النَّحْوِ، وهو: معرفةُ قوانينَ كُلِّيَّةٍ نتوصَّلُ بها إلى
(٢) في "ب": "القسم".
(٣) الفيافي: مفردها الفيف، والفيفاةُ، وهي المفازة التي لا ماء فيها، قال الليث: الفيفُ: المفازة التي لا ماء فيها مع الاستواء والسعة، وإذا أُنِّثت فهي الفيفاة.
"اللسان" (مادة: فيف) (٩/ ٢٧٤).
والقفار: جمعٌ مفردُه قَفْر وقَفْرةٌ، وهي الخلاء من الأرض، يقال: أرض قفرٌ، ومفازةٌ قَفْر وقفرةٌ، وقيل: القفر: مفازة لا نبات بها ولا ماء. "اللسان" (مادة: قفر)، (٥/ ١١٠).
(٤) في "ب": "الفتيا والنظر".
(٥) من أبدعها: "مفردات القرآن" للراغب الأصفهاني، و "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير.